صحفيون وجواسيس
عماد الدين حسين 16 يونيو 2011 08:16:56 ص بتوقيت القاهرة
هناك خيط دقيق يفصل بين عالم الصحافة وعالم الجاسوسية، وليس صدفة أن معظم جواسيس هذه الأيام إما صحفيون أو يتخفون تحت ستار هذه المهنة، وبالتالى لن يكون ــ الإسرائيلى الأمريكى ــ ايلان تشايم جرابيل آخر جاسوس يحاول التخفى فى صفة الصحفى.
لفترات طويلة ظل الجواسيس التقليديون هم الدبلوماسيون العاملون فى السفارات، ولأن هؤلاء كانوا تحت المجهر دائما فقد صاروا أوراقا أو «كروتا» محروقة، قبلهم كان هناك التجار عندما كانت التجارة هى النشاط شبه الوحيد فى العلاقات بين الدول.
الآن اكتشفت أجهزة المخابرات العالمية أن تنكر الجاسوس تحت قناع الصحفى هو أفضل حل ليمارس عمله بأقل قدر من الأضرار ..لأنه وفى أسوأ الاحوال عندما يسقط الصحفى يسهل على من أرسله أن يتبرأ منه فورا.
لفترات طويلة ظل الجواسيس التقليديون هم الدبلوماسيون العاملون فى السفارات، ولأن هؤلاء كانوا تحت المجهر دائما فقد صاروا أوراقا أو «كروتا» محروقة، قبلهم كان هناك التجار عندما كانت التجارة هى النشاط شبه الوحيد فى العلاقات بين الدول.
الآن اكتشفت أجهزة المخابرات العالمية أن تنكر الجاسوس تحت قناع الصحفى هو أفضل حل ليمارس عمله بأقل قدر من الأضرار ..لأنه وفى أسوأ الاحوال عندما يسقط الصحفى يسهل على من أرسله أن يتبرأ منه فورا.
اما الميزة الأهم التى تجعل أجهزة المخابرات تعتمد على الصحفيين فهى حرية الحركة الهائلة التى يتمتع بها. إذا كنت تعمل صحفيا تستطيع الذهاب إلى أى مكان خصوصا إلى بؤر الأحداث الساخنة، بل إن الدبلوماسيين ممنوع عليهم التحرك خارج دائرة ومساحة محددة إلا بإذن رسمى من السلطات.
على العكس من ذلك فإن الصحفى أو المتنكر فى زى صحفى مثل الجاسوس الإسرائيلى جرابيل ــ لف مصر تقريبا فى أسبوع، عاش ونام فى ميدان التحرير، زار الهرم والأقصر والاسكندرية وبعض مدن القناة.
ذهب إلى إمبابة بحجة أنه صحفى ويقال إنه ذهب إلى صول فى أطفيح.
ما كان يمكن لأجنبى زيارة هذه الأماكن إلا إذا كان صحفيا.
يستطيع الجاسوس الصحفى أن يلتقى بكل شرائح المجتمع من الخفير إلى الوزير، يطرح عليهم كل الأسئلة، ويحصل على إجابات متنوعة ويرسلها باعتبارها مواد صحفية.
كثير من قادة أجهزة المخابرات يقولون إنهم صاروا يعتمدون على ما تنشره الصحف بنسبة تسعين فى المائة من عملهم. والبقية يحصل عليها الجواسيس البشريون أو أجهزة التجسس المتنوعة.
هدف الصحفى والجاسوس واحد وهو الحصول على المعلومات الأول ينشرها للقراء والثانى يحتفظ بها فى ملفات يفسرها ويحللها لكى يستنتج ما ورائها.
ثم إن آلية عمل الطرفين شبه واحدة أيضا، جميعهم يطاردون المصادر بحثا عن المعلومة، الصحفى الجيد يتباهى بكثرة مصادره خصوصا «المصادر القمة» التى تصنع الحدث، والجاسوس يفعل نفس الأمر.
الصحفى يحاول «استنطاق» المصادر بحثا عن معلومة جديدة، لكن الجاسوس يضيف إلى ذلك مهمة البحث عن نوايا المصدر أو الهيئة أو الدولة.
ولأن المهام شبه واحدة وكذلك طريقة العمل، يستطيع الجاسوس أن يزعم طوال الوقت أنه يمارس عمله الذى يتطلب منه مقابلة الناس وتوجيه الأسئلة إليهم والحصول منهم على إجابات متنوعة، ودائما لديه الحجة: أنا صحفى وبالتالى فالحصول على المعلومات هو وظيفتى الأصلية وليس ذنبى أن هذه الوظيفة تتشابه مع وظيفة الجاسوس. إمكانية سقوط الجاسوس الصحفى قليلة خصوصا إذا كان مدربا جيدا ويعرف لغة وثقافة وعادات وتقاليد المكان الذى يتجسس عليه، ومن حسن الحظ أن الجواسيس الذين لا يتركون خلفهم أى أدلة قليلون.
بسبب هذا التداخل، فإنه لم تكن هناك صدفة أو مفاجأة أن بعضا من الجواسيس احترفوا مهنة الصحافة أو الكتابة بعد اعتزالهم مهنتهم الأصلية، فى حين أن كثيرا من الصحفيين احترفوا مهنة الجاسوسية لكن خانة الوظيفة فى بطاقة الهوية الموجودة فى جيوبهم كانت دائما تقول «صحفى».
No comments:
Post a Comment