نحو إعلام مصرى حر ومستقل (١)
بقلم رشا علام ٢١/ ٣/ ٢٠١١ *أستاذ إدارة واقتصاديات لمؤسسات الإعلامية
بعدما ثار الشعب المصرى طالباً حريته، كان لابد أن تنعكس هذه الحرية السياسية على الإعلام المصرى، فقد رفع شباب مصر سقف الحرية إلى أعلاه، رافضين الصمت أو كبت الحريات. وبالرغم من سوء تغطية الإعلام المصرى الحكومى مختلف جوانب الثورة فإنه أصبح أكثر انتقاداً بعد سقوط النظام السابق، ولكن لا يمكن أن نمدح تغطيته الحالية لأنها مازالت تفتقر إلى ضمانات الحرية كما أنها لا تلعب دورها بمصداقية وحرفية فى تغطية الأحداث الجارية مثل تثقيف الجمهور بالتعديلات الدستورية وكيفية الاستفتاء عليها.
بعدما ثار الشعب المصرى طالباً حريته، كان لابد أن تنعكس هذه الحرية السياسية على الإعلام المصرى، فقد رفع شباب مصر سقف الحرية إلى أعلاه، رافضين الصمت أو كبت الحريات. وبالرغم من سوء تغطية الإعلام المصرى الحكومى مختلف جوانب الثورة فإنه أصبح أكثر انتقاداً بعد سقوط النظام السابق، ولكن لا يمكن أن نمدح تغطيته الحالية لأنها مازالت تفتقر إلى ضمانات الحرية كما أنها لا تلعب دورها بمصداقية وحرفية فى تغطية الأحداث الجارية مثل تثقيف الجمهور بالتعديلات الدستورية وكيفية الاستفتاء عليها.
ولكى يتم تحويل نظام الإعلام المصرى إلى نظام حر ومستقل، يجب تعريف الأطر الرئيسية التى تساعد على تهيئة الإعلام المصرى لإعلام حر ومستقل. فإذا تناولنا الإطار الاقتصادى فالمقصود به الملكية والتمويل.
فمن ناحية الملكية فإن اتحاد الإذاعة والتليفزيون مملوك بالكامل للدولة المصرية بما يتضمنه من قنوات عدة، وهو ما يعنى أن هذه الملكية مركزة فى يد الحكومة، وهذا التركيز الشديد يؤدى إلى سوء استغلال السلطة السياسية من خلال المالك الإعلامى «الدولة» مما يؤدى إلى ضعف تمثيل بعض وجهات النظر المهمة فى الإعلام.
كما يؤدى تركيز الملكية إلى غياب عامل مهم من عوامل الاستقلال وهو التعددية الداخلية والخارجية.
وتعنى التعددية الداخلية وجود عدد من الأصوات المختلفة ووجهات النظر المتباينة وتوجهات واتجاهات سياسية متنوعة إضافة إلى تمثيل لمختلف الثقافات فى قطاع الإعلام، وتظهر التعددية الخارجية وتتواجد عندما يكون هناك تنوع فى ملكية وسائل الإعلام.
بالإضافة إلى الملكية المركزة، تمارس الحكومة المصرية ما نسميه «الاندماج الرأسى» فى القطاع الإعلامى، حيث إنها تسيطر على جميع مدخلات صناعة الإعلام، من إنتاج البرامج إلى توزيعها وما إلى ذلك.
وبالطبع فإن هذه الهيمنة القوية والسلوك المناهض للمنافسة يمثلان تهديداً قوياً ضد ظهور منافسين للإعلام الحكومى يمكن أن يقودوا إلى المزيد من التنوع والتعدد.
أما عن الشق الاقتصادى الآخر فهو يتمثل فى مصادر تمويل اتحاد الإذاعة والتليفزيون، حيث إن المصدر الأساسى لتمويل الاتحاد هو الدعم الحكومى بجانب الإعلانات، التى تؤثر بدورها بشكل كبير على محتوى المواد المذاعة وهو ما يؤدى بالتالى إلى تقليص أى فرصة لممارسة الاستقلالية التحريرية فى هذا الجهاز الإعلامى. كما يمكن للدولة أن تستخدم قوتها الشرائية فى وضع الإعلانات فى الأجهزة الإعلامية المساندة فقط، وبالتالى تخفض الحكومة الميزانية الإعلانية للمنافسين، وقد يستخدم الإعلام الحكومى المرئى والمسموع وضعها المدعم مالياً وبالتالى إخراج الإعلام الخاص من سوق الإعلانات مما يجعل من الصعب على الإعلام الحر والمستقل أن ينمو ويتطور.
ومن الممكن وجود الدعم الحكومى ولكن يفضل أن تكون النسبة ثابتة لعدد من السنين لإمكانية وضع رؤية وخطة غير معتمدة على إرضاء أجندة الحكومة السياسية، كما أن الدعم الحكومى يقتصر على إذاعات ومحطات الخدمة العامة فقط.
كما تعتبر الإعلانات وحقوق الرعاية من سبل التمويل بالإضافة إلى رسوم الترخيص التى تعتبر من أهم سبل التمويل فى الدول الديمقراطية، وبالرغم من صعوبة تطبيقها فى الوقت الحالى أو المستقبل القريب نظراً للظروف الاقتصادية التى تمر بها الدولة فإنها لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار لأهميتها فى ضمان استقلالية الإطار التمويلى الذى يؤثر على استقلالية المضمون.
كما أن التعددية لابد أن تنعكس على أنواع الملكية بدلاً من انفراد الإعلام الحكومى على ساحة التليفزيون الأرضى واحتوائه على تسع قنوات. فلابد من وجود فرص للقنوات الخاصة والقنوات المجتمعية وغيرها من أجل ازدهار التعددية وخلق مناخ صحى تعرض فيه الآراء المتباينة وتحث المشاهد على التحليل والاختيار بدلاً من فرض أجندة سياسية لا تخدم المواطن.
ولذلك يجب تحويل الإعلام الرسمى إلى إعلام خدمة عامة وأن تتحول القنوات المحلية إلى قنوات مستقلة تخدم احتياجات الجمهور المقيم فى منطقة بعينها. وبالنسبة لقنوات الخدمة العام نقترح هنا نموذجاً مختلطاً للتمويل من أجل الحفاظ على نظام إعلامى مستقل.
وأخيراً يجب إنشاء جهاز تنظيم للبث المرئى والمسموع ليراقب أداء القنوات المختلفة، لأنه من الصعب أن يكون اتحاد الإذاعة والتليفزيون مقدماً للبرامج ومراقباً لها فى الوقت نفسه كما أراد من قبل.
No comments:
Post a Comment