Friday, April 1, 2011

the Egyptian Journalists Syndicate is celebrarting 70 year of establishment

اليوم الذكرى السبعين لتأسيسها يحيى قلاش يكتـب :
 نقابة الصحفيين فى 70 عاماً .. تاريخ لا يعرف المستحيل
http://www.ejs.org.eg/
آخر تحديث: الخميس 31 مارس 2011 10:35 ص بتوقيت القاهرة

اليوم (31 مارس) يكون قد مر 70 عاما من عمر نقابة الصحفيين.. وهذا اليوم من العام 1941 هو أحد الأيام المشهودة والمجيدة فى تاريخ نضال الصحفيين المصريين عندما تكلل كفاحهم الذى استمر 50 عاما حتى انتزعوا حقهم فى إنشاء كيانهم النقابى رسميا بصدور المرسوم الملكى رقم 10 بإنشاء نقابة الصحفيين.

فى هذا التاريخ ملك الصحفيون حلمهم وقبضوا عليه وبدأوا مشوار العبور به من الدروب الفرعية ومفارق الطرق إلى مسار رئيسى تتحول فيه جهود أجيال لخروج مشروع النقابة للنور إلى رايات من الفعل والمواجهات وعبور التحديات يتسلمها جيل من الآخر.
اليوم وبعد مرور كل هذه السنين من عمر هذه النقابة وكأننا لا نحتفل بها بل نواجه تحديا صعبا وغير مسبوق فنحن لم نكن فى حاجة لمثل هذا الكيان النقابى مثلما نحن فى حاجة إليه الآن. فأصداء ثورة 25 يناير المدوية التى هزت أركان مصر ووجدانها نجدها خافتة باهتة وخجولة بين جنبات كياننا النقابى.. ودماء أكثر من ألف شهيد مصرى زفوا فى عرس الثورة فى ميادين وشوارع مصر بصدور عارية وإيمان لا يتزعزع وعزيمة لا تلين كى ينتزعوا لنا الحرية.. مازالت تطالبنا قبل محاسبة قاتليهم أن نحمل شعلة هذه الحرية لنضىء بها سماء وطن عانى على مدى عقود مرارة القهر والقيود ولعبة توزيع الهوامش على صحافة محاصرة أو متآمرة وإعلامًا يتم إفساده بالرشوة أو بتعليمات الأمن أو بنصوص القوانين السابقة التجهيز.
نعم لم نكن فى حاجة إلى النقابة مثلما نحن فى حاجة إليها الآن.. فقد عدنا من ميدان التحرير لنجد أن من تركناهم فى المؤسسات الصحفية أبواقا لنظام ندعى أننا أسقطناه، ومن حرضوا على قتل وإصابة الآلاف من أنبل شباب مصر، ومن شاركوا فى كل الجرائم التى ارتكبت ضد شعبنا وحرضوا عليها، ينتظروننا على أبواب مؤسساتنا «بمانشتات» تزف لنا أخبار انتصار الثورة وسقوط رموز الفساد من قيادات النظام البائد ويرفعون فى وجوهنا صور الشهداء ويحكون لنا بطولاتهم ويذرفون الدمع عليهم!!
النقابة فى الأدبيات هى التى تحمى ظهور أعضائها، وهى المؤسسة التى نلجأ إليها عندما نتعرض للقهر فى مؤسسات العمل، لكن عندما ذهب الكثير منا إلى ميدان التحرير تصوروا أن صدى التغيير قد سبقهم إلى مؤسساتهم ونسوا أن ظهورهم لم تكن مؤمنة أو مستورة. عدنا بروح الثورة لنجد التيه ينتظرنا على باب نقابتنا، وسلالمها التى تغنينا بها ساحة للحرية والتعبير تحاصرها الحسابات الضيقة والعجز المقيم وتعليمات الفلول القديمة وليس جنود الأمن المركزى. جاء الصحفيون من مؤسساتهم إلى نقابتهم باحثين عن إجابات لعشرات من علامات الاستفهام ليستردوا بعض اليقين فوجدوا فى انتظارهم مئات الأسئلة الهائمة تطالبهم بحل ألغازها. نجح الوطن فى اختبار التغيير وفرض شرعيته الثورية وحاول البعض أن يسجل علينا فشلنا فى نقابتنا فى هذا الاختبار، على الرغم من أننا ملكنا ربما لأول مرة حقنا فى التغيير بالشرعية الثورية والشرعية الدستورية معا والذى أعطته لنا ثورة وحكم قضائى صادر عن المحكمة الدستورية العليا فى 2 يناير من العام الحالى بعدم دستورية القانون 100 الخاص بانتخابات النقابات المهنية والذى يرتب إجراء انتخابات جديدة طبقا لقانون النقابة.
وقصة الكفاح من أجل قيام نقابة للصحفيين هى تاريخ متصل يؤكد أن أبناء هذه المهنة لا يعرفون المستحيل، وأن عقبات كثيرة واجهتهم قبل ذلك قد تغلبوا عليها وغلبوا الزمن وقوى الاحتلال ورجال القصر الملكى الذين دبروا المكائد ومارسوا كل وسائل التحايل لرفض الاستجابة لمطلب الصحفيين وأصحاب الصحف فى قيام هذه النقابة لتأكدهم أنها ستكون داعمة لدور الصحافة ورسالتها فى مقاومة الاحتلال ورحيله ورفع راية مطالب الشعب المصرى فى الحرية والاستقلال والاستنارة.
فمصر أول بلد عربى عرف الصحافة، حيث صدرت بها أول صحيفة باللغة الفرنسية عام 1798، وأول صحيفة رسمية باللغة العربية «جريدة الوقائع المصرية» عام 1828 وأول صحيفة أهلية «وادى النيل» عام 1867.. وتعتبر «الأهرام» أقدم الصحف القائمة حتى الآن وصدرت عام 1876 وهى أول صحيفة انطلقت منها الدعوة لإنشاء نقابة الصحفيين عام 1891. وتكررت هذه الدعوة على صفحات جريدة «المؤيد» عام 1909 وتبعتها صحف أخرى. وفى عام 1912 قام عدد من أصحاب الصحف بإنشاء نقابة الصحفيين المصريين وانتخبت جمعيتها العمومية «مسيو كانيفيه» صاحب جريدة «لاريفورم» بالإسكندرية نقيبا و«فارس نمر» وأحمد لطفى السيد وكيلين، لكنها انتهت بقيام الحرب العالمية الأولى. وبعد انتهاء الحرب قام خمسة من الصحفيين وهم داود بركات وإسكندر سلامة ومحمد حافظ عوض وجورج طنوس بتكوين رابطة هدفها العمل على إنشاء نقابة الصحافة. وعقب دستور 1923 أسرع ثلاثة من الصحفيين وهم أمين الرافعى ومحمد حافظ عوض وليون كاسترو لمقابلة رئيس الوزراء وطلبوا منه إصدار قانون لإنشاء نقابة للصحفيين.. ثم اجتمع عدد من أصحاب الصحف ومحرريها وبدأوا فى إعداد مشروع النقابة وأعلنوا قيامها عام 1924. وبالرغم من تعدد المحاولات فإن أيا منها لم تنل اعترافا رسميا إلى أن صدر مرسوم باعتماد نظام جمعية الصحافة فى 20 أبريل سنة 1936 فى عهد وزارة على ماهر.. إلا أن هذا المرسوم لم يقدر له الانتقال لحيز التطبيق لأن البرلمان لم يعتمد المشروع المقدم.. وفى 27 نوفمبر 1939 تقدم رئيس الوزراء على ماهر إلى مجلس النواب بمشروع إنشاء نقابة للصحفيين أعده رائد الحريات العامة وحرية التعبير والصحافة محمود عزمى، وظل فى حالة جدل إلى أن صدر القانون رقم 10 لسنة 1941 فى 31 مارس بإنشاء النقابة.
النقابة وممارسة السياسة
ربما لا يعرف كثيرون ممن يروجون الآن لتحول الكيان النقابى إلى مجرد نادٍ يقدم بعض فتات الخدمات للزملاء بدلا من دخول معارك مقاومة الفساد والإفساد داخل المؤسسات لحصول الزملاء على حقوقهم فى حياة كريمة وعلى علاقات عمل محترمة والنهوض بالمهنة وإعلاء دور النقابة فى دعم الحريات العامة وهموم الوطن.. أن أول جدل فى مجلس الشيوخ عند مناقشة مشروع قانون النقابة هو اعتراض النائب يوسف أحمد الجندى الشهير برئيس جمهورية زفتى على نص كانت لا تخلو منه قوانين النقابات المهنية فى ذلك الوقت بحظر الاشتغال بالسياسة وقال: «كيف يحظر على نقابة الصحفيين الاشتغال بالسياسة لأن تنظيم مهنة الصحافة وتكوين نقابة يستلزم الاشتغال بالسياسة فإذا سنت الحكومة قانونا من شأنه الحد من حرية الصحف مما يستدعى أن تناقشه هيئة النقابة تم منعها بحجة اشتغالها بالأعمال السياسية، مع أن طبيعة تنظيم المهنة تقتضى من النقابة الكلام فى السياسة، كما أن العمل على رفع شأن الصحافة وإعلاء كلمتها يستدعى حتما تعرض النقابة للشئون السياسية». وامتد الجدل، وفى النهاية انتصر منطق وحجة يوسف الجندى وكانت نقابة الصحفيين هى أول نقابة لا يحظر قانونها الاشتغال بالسياسة. واستطاع الوعى الجمعى للصحفيين منذ هذه اللحظة ألا يخلط بين اهتمام النقابة والصحفيين بحكم طبيعة عملهم بالسياسة وبين العمل الحزبى ولم تسمح الجمعية العمومية أو مجالس النقابة التى أبدت رأيها فى كثير من أمور السياسة العامة للوطن ومنها على سبيل المثال قضية حظر التطبيع أن تكون بوقا حزبيا لأى تيار أو جماعة سياسية.
الجهاد الأكبر
اكتشف الصحفيون الذين ناضلوا على مدى 50 عاما حتى ترى نقابتهم النور أنهم قد انتقلوا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر وفور صدور القانون تم تعيين أول مجلس للنقابة مكون من اثنى عشر عضوا، ستة يمثلون أصحاب الصحف وستة من المحررين ومن أصحاب الصحف محمود أبوالفتح باشا الذى اختاره المجلس نقيبا (حيث كان يتم اختيار النقيب من بين أعضاء المجلس) وجبرائيل بشارة تكلا باشا وفارس نمر باشا وعبدالقادر حمزة باشا ومحمد التابعى باشا وإدجار جلاد باشا، ومن المحررين خليل ثابت بك وإبراهيم عبدالقادر المازنى ومحمد فكرى أباظة ومحمد خالد وحافظ محمود ومصطفى أمين.
والمهمة الأولى لهذا المجلس المعين هى الإعداد لأول جمعية عمومية للصحفيين التى انعقدت فى الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الجمعة الخامس من ديسمبر 1941 بمحكمة مصر بباب الخلق لاختيار أول مجلس منتخب وكان عدد الأعضاء الذين حضروا الاجتماع الأول 110 أعضاء من 120 عضوا هم كل أعضاء النقابة فى سنتها الأولى، سدد كل منهم الاشتراك السنوى وقيمته جنيه واحد. وكان أول خمسة أعضاء تقدموا للنقابة كمؤسسين هم حافظ محمود ومحمد لطفى غيث ومحمد أحمد الحناوى ومصطفى أمين وصالح البهنساوى. وحفلت هذه الجمعية الأولى بنجوم فى الفكر والصحافة والسياسة منهم أحمد حسن الزيات وعبدالعزيز الإسلامبولى وفيليب حنين وجلال الدين الحمامصى ونبوية موسى ومصطفى أمين وأحمد قاسم جودة وتوفيق حنا الشمالى وسلامة موسى وعباس محمود العقاد وحسين أبوالفتح وكامل الشناوى ومحمود العزب موسى وفاطمة اليوسف ويوسف جوهر وفاطمة نعمت رشاد وكريم ثابت وأبوالخير نجيب وأنطوان نجيب مصر وإميل وشكرى زيدان.
واختارت الجمعية أول مجلس منتخب فى تاريخ النقابة وكانت مدته طبقا للقانون عاما واحدا (من ديسمبر 41 إلى ديسمبر 1942) وضم من أصحاب الصحف كلا من محمود أبوالفتح الذى اختاره المجلس نقيبا ومحمد عبدالقادر حمزة ومحمد خالد وجبرائيل تقلا وأحمد قاسم جودة ومصطفى القشاشى وعن المحررين إبراهيم عبدالقادر المازنى وحافظ محمود الذى اختير أول سكرتير عام للنقابة وجلال الدين الحمامصى وفكرى أباظة ومصطفى أمين وأنطوان الجميل.
حكاية مقر
منذ صدور المرسم الملكى بإنشاء النقابة فى 31 مارس عام 1941 وحتى عقد أول جمعية عمومية فى ديسمبر من العام نفسه لم يكن للنقابة مقر، فكانت تعقد اجتماعات مجلسها المعين المؤقت فى دور الصحف وهى الأهرام ثم البلاغ ثم المصرى. وبعد انتخاب أول مجلس وبسبب اقتران موافقة الحكومة على إنشاء النقابة بشرط توفير مقر لها سارع محمود أبوالفتح بالتنازل عن شقة كان يستأجرها بعمارة الإيموبيليا مكونة من غرفتين لتصبح أول مقر لها. وعندما حان موعد عقد اجتماع جمعية عمومية عادية للصحفيين عام 1942 وجد مجلس النقابة أن الصحفيين فى أشد الحاجة إلى مكان أكثر اتساعا لعقد جمعيتهم واهتدى المجلس إلى قاعة نقابة المحامين الكبرى، وأثناء عقد الاجتماع استرعى انتباه المجلس وجود قطعة أرض فضاء مجاورة لنقابة المحامين عليها بضع خيام.. وفى اليوم التالى توجه محمود أبوالفتح إلى جهات الاختصاص فى الدولة وطلب هذه الأرض ليقام عليها مبنى النقابة، لكنه علم أنها مملوكة للقوات البريطانية وقد أنشأت عليها خياما يقيم فيها الناقهون من جرحى الحرب العالمية الثانية، وعرضت على «أبوالفتح» قطعة أرض أخرى يشغلها سوق الخضر والفاكهة بشارع رمسيس (الموقع الحالى لنقابتى المهندسين والتجاريين) بشرط أن تتولى النقابة إزالة آثار السوق على نفقتها الخاصة، لكن المجلس رفض العرض وفضل الانتظار حتى تضع الحرب أوزارها ثم يسعى مرة أخرى للحصول على قطعة الأرض المجاورة لنقابة المحامين.
إنذار حافظ محمود للقيادة البريطانية!
خلال هذه الفترة سعت النقابة لإيجاد مقر آخر، وفى عام 1944 كان فؤاد سراج الدين وزير الداخلية قد أمر بالاستيلاء على مبنى من طابق واحد بشارع قصر النيل ومصادرته لصالح النقابة بعد أن كان ناديا للعب القمار، وظل هذا المبنى مقرا للنقابة وناديا لها تم دعمه بمكتبة قيمة والعديد من الدوريات الصحفية وأصبح يتوافد عليه الزائرون من كبار رجال الدولة والأدباء والفنانين. وعلى الرغم من أن مصطفى النحاس رئيس الوزراء قد أمر بتخصيص قطعة الأرض المجاورة للمحامين ليقام عليها مبنى نقابة الصحفيين فإن مساعى فكرى أباظة نقيب الصحفيين فى ذلك الحين (عام 1944) لم تكلل بالنجاح لتنفيذ أمر رئيس الوزراء، لأن جهات الاختصاص فى الدولة لم تكن قادرة على أن تأمر القوات البريطانية بالجلاء عنها.. ولم ييأس الصحفيون وغامر حافظ محمود وكيل النقابة فى ذلك الوقت وقام أثناء غياب فكرى أباظة بالخارج بتوجيه إنذار إلى القيادة البريطانية بالقاهرة للجلاء عن هذه الأرض، وكانت المفاجأة أن استجابت على الفور، لتواجه النقابة مأزقا جديدا، وهو مشكلة تمويل إقامة المبنى. وهنا يظهر دور مصطفى القشاشى سكرتير عام النقابة وأحد أشهر من تربعوا على هذا الموقع لعدة دورات وبذل جهودا مضنية مع محمود فهمى النقراشى رئيس الوزراء آنذاك ومهد الطريق لعقد اجتماع لرئيس الوزراء مع مجلس النقابة لأول مرة وبعدها بعث النقراشى برسالة للمجلس قال فيها: «يسعدنى أن أبلغكم أن مساهمة الحكومة مستمرة حتى يتم بناء مبنى النقابة ويفرش بأحدث المفروشات حتى يصبح منارة إشعاع تطل منها مصر بحضارتها العريقة على الدنيا كلها.. وأريدكم أن تعرفوا أننى قررت أنه عندما يحضر وفد أجنبى إلى مصر أن أعزمه فى نقابة الصحفيين لأنها مرآة صادقة للمجتمع المصرى». وقد عهد إلى المهندس الدكتور سيد كريم أن يعد تصميما نموذجيا للنقابة ووضع النقيب محمود أبوالفتح حجر الأساس أول يونيو 1947 وتم افتتاحه رسميا برئاسة النقيب فكرى أباظة فى 31 مارس 1949 وبلغت تكاليفه 39801.701 جنيه ساهمت الحكومة فيها بمبلغ 35 ألف جنيه دفعتها للنقابة على خمسة أقساط وغطت النقابة بقية التكاليف من إيراداتها الخاصة!! وبذلك عرف الصحفيون أول مقر حقيقى لنقابتهم.
معارك وقامات
لأننا فى حاجة إلى نقابتنا أكثر من أى وقت مضى فعلينا أن نعيد تذكير أنفسنا بالمعارك العظيمة التى خاضتها، والقامات النقابية الكبيرة التى أعطت بلا حساب فى سبيل الدفاع عن كرامة الصحفيين والمهنة والوطن ولا يجب أن نسمح لأحد بأن يسرق منا المعنى الحقيقى والرئيسى الذى من أجله قامت النقابة والذى بسببه تعيش النقابات وتواصل رسالتها جيلا بعد جيل.
ففور اختيار المجلس الأول للنقابة بدأ يواجه أشد القضايا عبئا، فقد كانت قضية الرقابة على الصحف تشتد بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية وتعددت حالات حبس الصحفيين، كما أدت هذه الظروف إلى تقليل عدد صفحات الجريدة اليومية إلى أربع صفحات مما كان يهدد المحررين بالاستغناء، وواصل هذا المجلس اجتماعاته ولأول مرة يسمع صوت الصحافة تحت قبة البرلمان للمطالبة بتخفيف الرقابة على الصحف ومعالجة أمر حبس الصحفيين، وعدم الاستغناء عن أى محرر مهما قل عدد صفحات الصحف. وظل أحد الهموم النقابية هو توفير الضمانات اللازمة للصحفى لممارسته مهنته فى حرية ورفض نقل الصحفيين إلى أعمال غير صحفية إلى أن صدر القانون النقابى الحالى عام 1970 وتوج نضال الصحفيين بمنع نقل الصحفى إلى عمل غير صحفى. ووضع المجلس فى السنة الثانية له أول لائحة استخدام والتى تعرف بعقد العمل الصحفى وكان فى مقدمة موادها تقرير مكافأة تعادل راتب شهر عن كل سنة من سنى اشتغال الصحفى فى حالة انتهاء مدة خدمته.
التصدى للقيود
لأن الصحافة مهنة لا تعيش إلا بالحرية ولا تنمو إلا بها فقد احتلت هذه القضية المساحة الكبرى من معارك النقابة والصحفيين، ودخلت النقابة طرفا فى حوار نظمته الأحزاب احتجاجا على التشريعات المقيدة للصحافة. كما تصدت فى بداية الخمسينيات خلال حكومة الوفد لتعديلات طرحت على البرلمان هدفها وضع قيود على الصحافة والصحفيين وعرف «بقانون استيفان باسيلى» حتى اضطر باسيلى إلى سحبه والاعتذار للصحفيين. وبعد انتفاضة عام 1977 وزيارة السادات للقدس عام 1979 حاول السادات طرح قوانين لتقييد الحريات الصحفية وحرية التعبير والنيل من دور النقابة للنيل من الصحفيين المعارضين لسياساته وكان الموقف الثابت للنقابة هو المطالبة بإطلاق حرية إصدار الصحف وحرية الصحفى فى التعبير، ومسئولية النقابة الكاملة عن محاسبة أعضائها بحيث لا يسألون أمام أى جهة غير نقابية أو قضائية. وعندما طالب السادات عام 1979 بتحويل النقابة إلى مجرد نادٍ انتفض الصحفيون دفاعا عن كيانهم النقابى وقاد كامل زهيرى معهم هذه المعركة حتى أجبر السادات على التراجع وانتصر الصحفيون وحافظوا على نقابتهم. وعندما وقع السادات اتفاقية كامب ديفيد، كانت نقابة الصحفيين أول نقابة تقرر حظر التطبيع النقابى ثم المهنى والشخصى، وعندما حاول السادات الضغط على النقابة لفصل الصحفيين المعارضين لسياساته، رفع كامل زهيرى نقيب النقباء فى وجهه شعار «العضوية كالجنسية». ثم كانت المعركة التاريخية العظيمة عام 1995 التى امتدت لأكثر من عام ظلت خلالها الجمعية العمومية غير العادية التى عقدت فى العاشر من يونيو 1995 فى حالة انعقاد مستمر لمواجهة القانون 1993 لوضعه قيودا غير مسبوقة على الحريات الصحفية ويؤدى إلى ترويع الصحفيين والذى اشتهر بقانون حماية الفساد ووصفه الأستاذ هيكل فى كلمته التى وجهها للجمعية العمومية بالجريمة وقال: «.. وأشهد آسفا أن وقائع إعداد هذا القانون كانت أقرب إلى أجواء ارتكاب جريمة منها إلى أجواء تشريع عقاب، وأنه يعكس أزمة سلطة شاخت فى مواقعها».
وامتدت معركة الصحفيين للمطالبة بإلغاء الحبس فى قضايا النشر وإزالة القيود على الحريات الصحفية ونجح مجلس النقابة برئاسة جلال عارف لأول مرة فى تاريخ النقابة أن يعقد جلسة عادية للجمعية العمومية 2006 ويقود مظاهرة أمام مجلس الشعب يحضرها رموز وطنية وصحفية ونقابية فى مقدمتهم كامل زهيرى الذى جاء رغم مرضه على كرسى متحرك للمطالبة بإلغاء الحبس فى قضايا النشر واستجابت أكثر من 26 صحيفة لمطلب المجلس بالاحتجاب. وفى هذه الدورة أيضا رفض المجلس أى تدخل فى شئون الصحافة وأصدر بيانا اعتبر فيه السفير الأمريكى غير مرغوب فيه بسبب تصريحات انتقد فيها إحدى المؤسسات الصحفية.
كما طالب المجلس نفسه بإقالة حبيب العادلى وزير الداخلية فى ذلك الوقت، وحمله مسئولية قيام بلطجية وخارجين على القانون ورجال أمن بالاعتداء على مواطنين ومواطنات عزل بينهم عدد من الزملاء الصحفيين وصلت إلى حد هتك العرض العلنى فى الأحداث التى عرفت بيوم الاستفتاء الأسود فى 25 مايو 2005.
وطالب المجلس بمحاسبة المسئولين الأمنيين والسياسيين الذين خططوا وشاركوا فى هذه الجرائم أمام حرم مبنى النقابة وبعض شوارع القاهرة، وأكد أن النقابة ستظل ساحة مفتوحة لكل فئات الشعب وحصنا للحريات، وأنه لن يستطيع أحد أن يمنعها أو يرهبها عن ممارسة هذا الدور.
حتى لا تتحول الثورة إلى فلكلور
لقد أدرك الصحفيون مبكرا أن معارك الحرية هى معركتهم الأم ومنها تأتى الكرامة والحقوق المشروعة وعلاقات العمل المتكافئة، وأن حرية الصحافة ليست حرية الصحفيين وإنما هى حرية كل مواطن فى المعرفة والمشاركة، وبالتالى لم يكن غريبا أننا فى كل المعارك التى خاضتها النقابة أو خاضها الصحفيون لم يكونوا وحدهم بل ساندهم الرأى العام.
لقد استطاعت قامات نقابية تطول السماء أن تترك لنا ما نفخر به وما يستحق أن نحافظ عليه وأن نبنى فوقه. نحن فى لحظات فارقة فى تاريخ وطننا ونقابتنا أيضا وعلينا فيها أن نتحلى بصبر هؤلاء البنائين العظام وأن نستلهم روح وكبرياء شيخ النقباء حافظ محمود ودأب فكرى أباظة ووطنية ووعى أحمد بهاء الدين وجسارة حسين فهمى ورقة ونظافة على حمدى الجمال ونقابية وتفانى كامل زهيرى وضمير وصبر جلال عارف.
ويا كل الزملاء فى المهنة ويا كل ثوار 25 يناير من أبناء شعبنا لا تغيير ولا حرية ولا عدالة اجتماعية بدون حرية تعبير وحرية وسائل الإعلام والصحافة. وإذا لم تنتقل معنا روح «التحرير» إلى كل مكان تركناه وعدنا إليه فسوف تتحول الثورة إلى فلكلور، وكيف لنا أن نصدق أحاديث الحكومة والمجلس العسكرى عن مخاطر الثورة المضادة ووسائل الإعلام وهى أهم سلاح فى المعركة مازالت تقودها رموز الثورة المضادة!
أمامنا أيام صعبة وتحديات يجب أن نستعد لها ويجب ألا نطمئن بعد أن انتزعنا حريتنا إلا بعد ترجمتها إلى حقوق تحفظها الدساتير والقوانين، فزمان منح الحاكم لنا بعض الهامش إذا رغب ومنعه إذا غضب قد ولّى. مهمتنا يجب أن تبدأ وهى لم تبدأ بعد لأن جبال القوانين والتشريعات المقيدة للحريات العامة والصحافة والإعلام مازالت هى سيد الموقف.
ألم أقل لكم إننا لم نكن فى حاجة إلى كياننا النقابى مثلما نحن فى حاجة إليه الآن.. وتذكرنا لسبعينية عمر النقابة وخمسينية الميلاد قبلها يؤكد لنا أن هناك أملا.

No comments:

Post a Comment