Tuesday, March 29, 2011

a release of a secret union from inside a publishing house sending fake info to the employees and to the public

تنظيم سري في مؤسسة صحفية 3/29/2011 3:08:00 PM بقلم: د. عمار علي حسن
في روايته "حضرة المحترم" يرسم الأستاذ نجيب محفوظ باقتدار الوصولية والانتهازية والخسة والجبن وانعدام الضمير الذي يحل برأس وقلب موظف حكومي منذ اللحظة الأولى لتسلمه عمله كي يصل إلى منصب "المدير العام"، لكن محفوظ وكل من تصدوا لحكايات البيروقراطية المصرية، سواء أدبيا أو علميا، لم يدر بخلدهم أن هناك من يشكل تنظيما سريا كاملا للوصول إلى منصب مؤثر.

وبالطبع فإن هذا التنظيم السري لم يعمل بالسياسة ولم يوزع المنشورات المعادية للسلطة ولم يواجه عنت الإدارة بالأساليب الشريفة المعتدلة الواضحة التي كفلها القانون، ولم يسع قائده ومدبره  للحصول على ما يعتبره حقا بالطرق المعروفة التي يسلكها الشرفاء، بل لجأ إلى طريقة عجيبة ومريبة، يرفضها كل من يحترم ذاته، ويخشى ربه، ويُرضي ضميره.
والتنظيم نشأ وترعرع خلال السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين في واحدة من المؤسسات الصحفية الكبرى في بلدنا، ليخدم شخصا بعينه كانت بينه وبين المنصب خطوة واحدة، ولابد من إزاحة سلفه حتى يقطعها إلى الكرسي المنتظر، الذي سيفتح له الباب على مصراعيه كي يغرف من المال العام، فيشبع بعد جوع، ويغتني بعد فقر، ويتعالى على من هم أفضل منه في كل شيء. ولأن صاحبنا لا يملك أي قدرة على التخطيط والتدبير، فقد لجأ إلى ضابطين كبيرين، تربطه بهما علاقات حميمة، فنصحاه أن يسعى بكل ما أوتي من قوة، للتخلص من سلفه.
وشاورهما في الأمر، فقالا له: لا بد من أن يحدث ما يظهر للمسؤولين أن المؤسسة غير مستقرة، وأن أوضاعها تسوء على الدوام.
وهنا ولدت الفكرة الشيطانية، التي لا تزيد عن تشكيل "تنظيم" سري" مكون من عدة محررين  وبعض صغار الموظفين، يقوده صاحبنا في داخل المؤسسة، بتوجيه من صحفي عجوز في الخارج، كان يلتقيهم بأحد الأندية الرياضية الشهيرة.
وراح التنظيم يوزع منشورات قذرة، تخوض في أعراض نساء المؤسسة الفضليات، وتزعم أن بينهن وبين رئيسها السابق علاقات مشبوهة، في اختلاق لا يعوزه وضوح، وادعاء مفضوح، لا يردعه رادع من دين أو ضمير، ولا حتى مراعاة حقوق الزملاء، ومن بينهم من علم صاحبنا ودربه وراعاه، وتحمس له، وتسبب في تصعيده، واقترابه من المنصب، الذي فعل كل هذه الأعمال المشينة في سبيل الوصول إليه.
وامتدت المنشورات لتتحدث عن مخالفات إدارية ومالية في المؤسسة، وتطعن في مهنية وشرف قياداتها، وتحملهم مسؤولية من آلت إليه من تراجع، وكان صاحبنا، الذي يربطه حبل سري غليظ مع مختلف أجهزة الأمن، يسلم هذه المنشورات تباعا إلى الجهات الأمنية المختصة، المنوط بها في النهاية اتخاذ القرارات الحاسمة بمن يترك منصبه، ومن يحل محله.
وشاءت الأقدار أن يختلف أحد أعضاء هذا التنظيم السري مع زوجته، فما كان من الأخيرة إلا أن التقطت أحد شرائط التسجيل التي كان يسجلها الزوج لمكالماته مع صاحبنا، حتى يحتفظ بما يسنده إن وقعت الواقعة.
وجاءت السيدة إلى مقر المؤسسة، وتركت لدي أفراد الأمن مظروفا مكتوب عليه "يسلم إلى السيد الأستاذ ... رئيس التحرير" ثم تذرعت بأنها تركت سيارتها في الممنوع، وأنها ستحركها إلى مكان آمن، ثم تعود، لكنها اختفت دون أن يعرف أحد في وقتها هويتها، وبعد مرور عدة ساعات أرسل رجال أمن المؤسسة المظروف إلى رئيس التحرير، فانكشف أمامه كل شيء عن هذا التنظيم الصغير.
وتحّير رئيس التحرير السابق، وساح في ظنون لا نهاية لها، فنصحه المقربون منه، بأن يقدم بلاغا إلى النائب العام في قائد التنظيم السري وأتباعه، لكن الرجل تراخى، وقال وقتها: "في النهاية هذا زميل، ولا نريد أن نشهر المؤسسة".
فلما انقلب صاحبنا عليه، بعد أن حل محله، وراح يشوه صورة الرجل بمنهج ونظام وغل وحقد وخسة، ندم الرئيس السابق، كما نقل البعض عنه، لأنه كان خلوقا مع من لا تنفع معه أخلاق، وردد حكما سابغة من قبيل: "اتق شر من أحسنت إليه" و"إذا أكرمت الكريم ملكته .. وإذا أكرمت اللئيم تمردا".  وبعدها اختفى الرجل من المشهد الإعلامي تماما، بعد أن كان ملء الأسماع والأبصار.
وبدلا من أن تعاقب السلطة صاحبنا، وتقتص منه على ما ارتكبه من جريمة التعريض بشرف زميلاته، اتخذت قرارا بتعيينه رئيسا للتحرير، ولا تزال صابرة عليه، رغم إمكانياته المتواضعة وحسه المهني شبه المعدوم الذي أورث المؤسسة خرابا ودمارا شاملا، على المستويات الصحفية والإدارية والمالية، وجعله مجرد ستار مهتريء لموظفين صغار يديرون كل شيء من خلف الستار، مستغلين جهله بالقانون والصحافة معا.
أحد هؤلاء لا يحمل شهادة جامعية، ومع هذا يبدو في نظر كل العاملين بالمؤسسة هو رئيس مجلس الإدارة الحقيقي، وهذا ليس انطباعا عابرا، إنما أمر قد بني على دلائل وشواهد تتراكم مع مرور الأيام. أما المحررون الذين أعانوه على أن يخطف ما ليس له بحق، فقد كافآهم وأجزل لهم العطاء.
كل هذا يجري بينما المؤسسة ترتكب أخطاء وحماقات صحفية متتالية، تسببت في حرج بالغ للنظام الحاكم نفسه غير مرة، لكن صاحبنا لا يهمه هذا الحرج، بل كل ما يشغله في منصبه الجديد هو أن ينهب ما تصل إليه يداه، سواء من المال السائل أو الإمكانيات المادية للمؤسسة، ولذا تكثر سفرياته ليحصل على بدلات، وتكثر ثرثرته وحديثه عن النزاهة ونظافة اليد ليغطي على سرقاته، لكنه بات مكشوفا للجميع، إلى درجة أن كثيرين يخرجون من مكتبه وهم يرددون الحكمة الشهيرة التي تقول: "احذر المرأة التي تتحدث كثيرا عن الشرف". وآخرون يقولون لكل من يسأل عن طباعه ومسلكه: "الإجابة في رواية حضرة المحترم... فلتراجعوا محفوظ".

http://www.masrawy.com/News/Egypt/Politics/2011/march/29/corruption_documents.aspx

No comments:

Post a Comment