Monday, April 13, 2020

آخر تطورات كورونا: "مناطق بلوتوث الآمنة عبر المحمول" تحرر أسري المنازل وتفتح الطريق للنصر

آخر تطورات ازمة كورونا علي صعيد تقنية المعلومات، أن الفيروس أجبر عملاقي التقنية الخصمين اللدودين جوجل وابل، علي الجلوس معا، والقيام لأول مرة في تاريخهما، بالبدء الفوري في تنفيذ مشروع لفتح نظامي تشغيل الهواتف المحمولة اندرويد من جوجل، وآي أو إس من ابل، علي بعضهما البعض، للعمل بصفة موجدة، لتنفيذ مهمة واحدة، هي تشغيل نظام لتتبع وكشف مصابي كورونا ومخالطيهم لحظيا، وتنبيه الاصحاء إلي وجودهم، كوسيلة لتعزيز التباعد الاجتماعي، وتوفير بيئة آمنة، لمليارات الأشخاص الذين لم يصابوا بعد، لكنهم محتجزين بالمنازل، ويتعين إعادتهم للعمل في أسرع وقت ..فإذا كنت قلقا من المرض، وحريص علي المتابعة، تحمل قليلا واقرأ التفاصيل التالية.
جري الإعلان عن مشروع ابل وجوجل مساء الجمعة الماضي 10 ابريل، وقدمه للجمهور ساندر بيتشاي الرئيس التنفيذي لجوجل، وتيم كوك الرئيس التنفيذي لأبل، عبر بيان مشترك، ظهر في لحظة واحدة علي موقعي الشركتين، في سابقة لم تحدث من قبل، وصدر البيان مصحوبا بوثائق و"وورقة بيضاء" تحمل تفاصيل النظام واهدافه.
يحمل النظام الجديد اسم " تقنية تتبع الاتصال"، وهدفه الرئيس إيجاد "مناطق وممرات آمنة"، تحيط بحامل الهاتف المحمول، بمسافة يقترح أن تكون تسعة امتار، يقوم النظام بالتأكد من خلوها ممن يحملون هواتف محمولة، أصيب أصحابها بالفيروس، أو خالطوا مصابين به خلال فترة تقدر بـ 14 يوما مضت، ولأن تقنية بلوتوث بالهاتف المحمول تلعب دورا حيويا في هذا النظام، فإنه يمكن وصفها بـ "مناطق بلوتوث الآمنة".
وفقا لما ورد بوثائق المشروع المعلنة من الشركتين، فإن سيناريو عمل النظام كالتالي:
يتم اولا تسجيل هاتف من أثبت التشخيص أنه إيجابي ومصاب بالفيروس في قاعدة بيانات مركزية لدي السلطات الصحية، وباستخدام البيانات التاريخية الخاصة بهذا الهاتف، يتم تحديد جميع الهواتف التي كانت بالقرب منه خلال اسبوعين ماضيين، لإنشاء دوائر الاختلاط الخاصة بصاحب الهاتف، خلال هذه الفترة، مع إعطاء وزن لكل هاتف كمصدر للإصابة، بناء علي مدة بقائه بالقرب من هاتف الشخص المخالط أو المصاب، والمسافة بين الاثنين، وعدد مرات التلاقي بينهما.
يتم بث وتنزيل هذه البيانات علي الهواتف المحمولة للأشخاص الموجودين في نطاق عمل قاعدة البيانات المركزية، والتي يفترض أن تكون تابعة للسلطات الصحية المحلية، في مقاطعة أو حي أو مدينة أو قرية او دولة كاملة، او حتي علي مستوي العالم، بحسب الحاجة والموارد المتاحة.
عند مرور أي شخص، ومعه هاتفه المحمول في أي مكان، سيتم طوال الوقت وبصورة افتراضية تلقائية، انشاء اتصالات في اتجاهين، بينه وبين جميع الهواتف المحيطة به، في نطاق تغطية إشارة بلوتوث من جميع الاتجاهات، لمسافة يقترح أن تكون في حدود تسعة امتار علي الاكثر.
الاتصالات المتبادلة بين هذه الهواتف تكون ثنائية الاتجاه، أي تبث بيانات وتستقبل اخري فيما بين بعضها البعض بصورة متزامنة ومتعددة، ويقوم كل هاتف بعمليات مضاهاة سريعة، بين البيانات التى يتلقاها من الهواتف حوله، مع البيانات التي تلقاها من قاعدة البيانات المركزية للسلطات الصحية.
إذا اثبتت المضاهاة أن الدائرة المحيطة بهاتف المستخدم، يوجد بها هاتف خاص بشخص اصيب أو خالط شخص مصاب سابق، خلال الاربعة عشرة يوما السابقة، يقوم الهاتف بإصدار تنبيه لصاحبه بوجود مصاب أو شخص خالط شخص سابق مصاب بالعدوي، داخل دائرة التسعة أمتار، ويحدد اتجاه وجود الشخص، ليقوم صاحب الهاتف بالخروج والابتعاد للمسافة الآمنة.
إذا تعذر علي الشخص متابعة التنبيه الذي صدر، أو قام الشخص بتجاهل التنبيه، وبالتالي لم يخرج من دائرة الاتصال مع مصاب سابق أو مخالط سابق، وتجاوز الأمر الحدود الآمنة، يتم تسجيله علي أنه مخالط سابق، مع توثيق بيانات الاختلاط من حيث المسافة والوقت وعدد المخالطة.
يفترض أن تتكرر هذه العملية طوال الوقت، مع مئات الملايين ممن يحملون الهواتف المحمولة، ويتم تحديث قواعد البيانات الصحية المركزية بهذه البيانات بصفة دورية متجددة، علي فترات يقترح لها أن تكون بين ست دقائق، وخمس عشرة دقيقة.
وقع الاختيار علي تقنية بلوتوث للاستخدام في هذا النظام لعدة اسباب منها:
ـ انها تقنية تعمل في المدي القريب، أي تغطي دائرة قطرها بضعة امتار حول الجهاز، تصل في بعض الاحيان إلي تسعة امتار، ويتم تداول البيانات في هذا المدي بصورة محلية، خارج نطاق شبكات الاتصالات المحمولة، ومن ثم فإن جميع الاتصالات المتزامنة التي تتم بين الهواتف وبعضها البعض، لن تضيف اي عبء علي الشبكات التي أصبحت منهكة اصلا.
ـ جميع البيانات المتداولة بصورة متزامنة ثنائية الاتجاه بين الهواتف المستهدفة، عبارة عن ارقام، فضلا عن أن أعداد الهواتف المتوقع ان تنخرط معا في تبادل متزامن للبيانات، هو عدد قليل نسبيا في الغالب، وهو أمر يترجم عمليا في قلة حجم البيانات المتداولة، ليقاس بالبايت أو الكيلو بايت، وهو معدل يناسب قدرات تقنية بلوتوث في النقل.
ـ تداول البيانات في مدي قريب عبر بلوتوث، خارج شبكات الاتصالات المحمولة، لا يجعل هناك حاجة لتحديد موقع المستخدم، أو تتبعه، سواء عن طريق خدمة نظام تحديد المواقع العالمي " جي بي إس"، أو عن طريق شبكة الاتصالات المحمولة، ومن ثم يوفر الوقت المطلوب لمعالجة الموقع وتحديد بياناته، مما يخفف من حمل المعلومات المتداولة، بين الهواتف المحمولة وقواعد البيانات، وينعكس ذلك في مزيد من السرعة والكفاءة في العمل.
وبالنسبة للبرمجيات، سيتم تنفيذ النظام علي مرحلتين:
ـ الأولي ستطرح خلالهما جوجل وابل تطبيقا موحدا، يعمل بمعيار مفتوح علي نظامي آي أو إس واندرويد معا، يتم تنزيله من متجر جوجل بلاي، أو آب ستور، علي أى هاتف، فيقوم التطبيق فورا بالاتصال بقاعدة البيانات المركزية التابعة للسلطات الصحية، ويتلقي منها بيانات الهواتف المصنفة علي أنها مصابة أو مخالطة، مع ملفاتها التاريخية لفترة اربعة عشر يوما ماضية، والبيانات المتعلقة بقوة الاختلاط، من حيث مدته وقربه وعدد مرات تكراره. وبعد هذه العملية التي يفترض ان تستغرق بضعة دقائق، يقوم بالعمل علي الفور وفق السيناريو السابق.
المفترض أن السلطات الصحية في أي دولة أو مقاطعة أو مدينة، يمكنها استخدام النظام، واعداد التطبيق الخاص بها، ليقوم مواطنوها بتنزيله علي هواتفهم، لتكتمل الحلقة، ووعدت الشركتان بأن المرحلة الاولي ستكون جاهزة للتشغيل خلال النصف الاول من مايو.
أما المرحلة الثانية، فستكون أكثر راديكالية وشمولا، حيث ستقوم الشركتان بجعل التطبيق الخاص بتقنية تتبع الاتصال، جزءا لا يتجزأ من نظام التشغيل الأساسي للهاتف، وليس تطبيقا منفصلا، ومن ثم سيكون قيد التشغيل والعمل بصورة افتراضية، بمجرد تجهيزه للعمل والتحميل، حيث سيتم إضافته لجميع الهواتف العاملة بأندرويد واي أو إس تلقائيا ومباشرة، ويتوقع تشغيل هذه المرحلة خلال الاشهر التالية لمايو.
تم اللجوء لخيار إلحاق التطبيق بنظام التشغيل، لتفادي العائق الخاص بـ "التبني الشامل"، والناشئ عن أن نسبة كبيرة من المستخدمين، سواء عن قصد أو غير قصد، يتوقع ألا تقوم بتنزيل وتشغيل التطبيق المستقل، في حين أن النظام مصمم للعمل بأسلوب التبني الشامل من جميع المستخدمين، بما يحقق نتيجة مؤثرة في خفض الاصابة بالفيروس، وتخفيضها تدريجيا، بما يؤدي لدحره في النهاية.
وبالنسبة لقضايا لخصوصية وحماية البيانات، أكدت الشركتان أن هذا الامر يحتل أولوية قصوي في النظام المزمع انشاؤه، ويتجلى ذلك في عدة جوانب، منها:
ـ يتيح استخدام البلوتوث مرونة عالية في دخول وخروج الهاتف من نطاق إلي آخر مرات متعددة بسلاسة تامة مع حركة صاحبه، الأمر الذي يهيئ فرصة أكبر لتحسين عملية تشفير وتكويد رقم الهاتف مرات متعددة، ومن ثم حجب هوية صاحبه الحقيقية، وفي هذا السياق سيتم تشغيل خوارزميات متقدمة، تحول رقم أي هاتف يسجل بالنظام، إلي رقم تعريف مشفر، عند تبادل البيانات فيما بين الهواتف عبر تقنية بلوتوث، لتنتقل الارقام من هاتف لآخر كمفتاح تعريف مشفر، وذلك خطوة أولي، ثم يتم تكوين مفتاح تعريف مشفر ثان لرقم الهاتف عندما يتعامل التطبيق أو نظام التشغيل مع الرقم، في عمليات المضاهاة والتنبيه وخلافه، ثم يتم تكوين مفتاح تعريف ثالث مشفر يتم التعامل به في قاعدة البيانات المركزية، وتتولي الخوارزميات مهمة تمييز هذه المفاتيح وصلتها بالرقم الصحيح للهاتف،
يضاف لذلك ما سبقت الإشارة إليه من أن تداول البيانات في مدي قريب عبر بلوتوث، خارج شبكات الاتصالات المحمولة، يعني أنه لن يتم تحديد موقع المستخدم بأية وسيلة، وهو امر يحل جانب كبير من هواجس الخصوصية.
النقطتان السابقتان تشكلان أساسا قويا لأن يعمل النظام الجديد بأسلوب " البيانات المنزوعة الهوية والموقع". وهو أسلوب يجعل من الصعب للغاية أو من المستحيل: كشف هوية صاحب الهاتف، سواء من قبل المستخدمين الآخرين، أو العاملين بالسلطات الصحية.
عند وضع السيناريو التشغيلي السابق الإشارة إليه، مع مزايا تقنية بلوتوث التقنية، والبرمجية، ومن ناحية الخصوصية، يمكن متابعة وتنبيه ملايين الاشخاص الاصحاء، بطريقة فعالة وسريعة لحظية طوال الوقت، حول عمليات الاختلاط والاقتراب من مصابين سابقين أو مخالطين، وفق المسافة المشار إليها، ومن ثم الانتباه الي تفادي الاختلاط بهم، ومع اتساع نطاق التباعد وتفادي المخالطة، تقل احتمالات انتقال الفيروس إلي اشخاص جدد، فيخف معدل انتشاره، ومع تكرار الدورة من جديد، يتم تدريجيا إضعاف دورة انتشار الفيروس، من حيث السرعة، ونطاق الانتشار، ومن ثم محاصرته في نطاق بؤر صغيرة متفرقة، يمكن للسلطات الصحية التعامل معها بكفاءة وتركيز اكبر حتي دحره.
لايزال المشروع في مراحله الأولي، واحدث الإعلان عنه نقاشا وجدلا واسعا خلال الأيام الماضية وحتي الآن، حول محاذير استخدامه، وفرص نجاحه، ما جعل جوجل وابل تؤكدان أنهما سينشران تطوراته علانية اولا بأول، وأنهما منفتحتان علي كل الآراء من جميع الأطراف.

No comments:

Post a Comment