إيرادات الاشتراكات الرقمية تصبح مصدر الدخل الرئيسى للإعلام
كتب: إيهاب الزلاقي
على مستوى العالم، تتزايد يوميا الإيرادات القادمة من الاشتراكات الرقمية، لدرجة تجاوزها فى بعض الحالات الإيرادات القادمة من الإعلانات، وهو الأمر الذى يمثل انعطافة شديدة الأهمية بالنسبة لاستقرار واستدامة المؤسسات الإعلامية، هذا ما كشف عنه أحدث تقرير أصدرته شبكة الميديا الدولية FIPP حول الموضوع.
ويرصد التقرير اللحظة الفارقة فى الصناعة فى مايو 2018، عندما أعلنت مؤسسة “نيويورك تايمز” ما كان يمكن اعتباره مستحيلا قبل بضعة سنوات: زيادة إجمالية فى الإيرادات مدفوعة بارتفاع مستمر فى أعداد المشتركين فى الخدمات الرقمية فقط والتى وصلت بإجمالى قاعدة المشتركين إلى 2.8 مليون شخص.
قد تكون صحيفة “نيويورك تايمز” هى العلامة المميزة لنجاح الاشتراكات الرقمية عندما يتعلق المعيار بالحجم، ولكنها فى كل الأحوال ليست اللاعب الوحيد الذى يتمتع بالنجاح فى ساحة الاشتراك الرقمى المدفوع، ومن الأمور المشجعة أن عددا أكبر من الناشرين يعلنون أن إيرادات الاشتراكات المدعومة بالنمو الرقمى قد استبدلت الإعلانات باعتبارها المصدر الأول للإيرادات فى تلك المؤسسات.
وتقول الإحصاءات، أنه مع نهاية عام 2018 امتلكت المؤسسات الإعلامية الصحفية ما يزيد عن 20 مليون مشترك فى الخدمات الرقمية فقط، والأكثر من ذلك أن التوقعات تقول إنه بحلول عام 2020 فإن الدخل القادم من الإعلانات الرقمية إلى الاشتراكات الرقمية سيكون مناصفة، بنسبة 50:50، وهو انقلاب ضخم فى الصناعة، حيث كانت النسبة 90:10 لصالح الإعلانات فى عام 2012.
فى سوق الإعلان الصعب، حيث تستمر جوجل وفيس بوك فى تحقيق الأغلبية الكبرى من النمو فى الإعلانات الرقمية، كما تستمر الإعلانات المطبوعة فى الانخفاض، فإن هذه الأخبار تبعث على الاطمئنان لدى الناشرين فى قيمة المحتوى الذى يقدمه والإيرادات المحتملة التى يمكن تحقيقها من خلال المزيد من الاستثمار فى نموذج الاشتراك الرقمى.
والمثير فى نتائج التقرير، إنه على الرغم من الافتراض الدائم أن المؤسسات التى تنشر بلغات دولية مثل الإنجليزية لها ميزة أكبر من غيرها فى اجتذاب الجماهير العالمية، إلا أن الدول الاسكندنافية على سبيل المثال تحقق نجاحا هى الأخرى وتوضح قيمة وفوائد الأخبار المحلية والتركيز على فهم سلوك الجمهور واحتياجاته فى السوق المحلية.
السويد وفنلندا والنرويج على سبيل التحديد هى نماذج مثيرة للاهتمام بشكل خاص، وعلى الرغم من أن عدد سكان هذه الدول أقل بكثير من دول أوروبا الكبرى، إلا أن الناشرين فى تلك المنطقة يتمتعون بدرجة عالية من النجاح فى إقناع نسبة كبيرة من السكان بالدفع مقابل الأخبار، ومن الضرورى الإشارة هنا أن هذا النجاح تحقق بالعمل الجماعى بين الناشرين لترسيخ هذا المفهوم خاصة فى وضع “حائط الدفع” Paywalls، وتشير التقديرات فى السويد على سبيل المثال إلى أن 60% من الناشرين لديهم حائط دفع.
موريتز هيلجر، الرئيس التنفيذى لشركة “كليرا ون” التى تعمل فى مجال إنشاء حوائط المدفوعات يستعرض الوضع الحالى بالقول: “ربما يحتاج الناشرين إلى أربعة أو خمسة قنوات للإيرادات المختلفة لتمويل الصحافة الرقمية، ويستعرض التقرير الأخير أن المحتوى المدفوع هو واحد من هذه القنوات، وهو المسار الذى يعتبر حاليا أكبر مصادر الإيرادات بالنسبة لعدد متزايد من الناشرين”.
وفيما يلى أهم الملامح التى كشف عنها التقرير:
1– زيادة استثمار الناشرين فى المحتوى المدفوع
ربما يكون طوفان الأخبار الزائفة، وانتهاك خصوصية البيانات فى السنوات الأخيرة قد أدى إلى تجدد اهتمام المستهلكين بمصادر الأخبار الموثوق بها، وزيادة بحثهم عن المحتوى الجيد. هذا الأمر، بالإضافة لانتشار النماذج الناجحة من إيرادات المحتوى المدفوع يؤدى إلى المزيد من الثقة لدى الناشرين، ونتيجة لهذا الأمر يمكن ملاحظة زيادة الاستثمار الإعلامى فى فرق العمل، والتكنولوجيا، والمحتوى الجيد.
ومن المهم ملاحظة أنه لا توجد وصفة فورية للنجاح، على سبيل المثال أطلقت نيويورك تايمز الاشتراكات الرقمية فى عام 2011 ولكن النجاح الحقيقى لم يتحقق إلا منذ سنوات قليلة حيث شهدنا زيادة مضطردة فى أعداد المشتركين لدرجة جعلت الصحيفة نموذجا دوليا للنجاح فى هذا المجال. والحقيقة أن إنشاء قاعدة اشتراك رقمية قوية يحتاج إلى سنوات من الاستثمار المستمر لتحسين المحتوى وتطوير القدرات التحليلية وفهم الدوافع التى تسمح بتحويل ولاء القارىء للمؤسسة إلى اشتراك مدفوع.
1– زيادة استثمار الناشرين فى المحتوى المدفوع
ربما يكون طوفان الأخبار الزائفة، وانتهاك خصوصية البيانات فى السنوات الأخيرة قد أدى إلى تجدد اهتمام المستهلكين بمصادر الأخبار الموثوق بها، وزيادة بحثهم عن المحتوى الجيد. هذا الأمر، بالإضافة لانتشار النماذج الناجحة من إيرادات المحتوى المدفوع يؤدى إلى المزيد من الثقة لدى الناشرين، ونتيجة لهذا الأمر يمكن ملاحظة زيادة الاستثمار الإعلامى فى فرق العمل، والتكنولوجيا، والمحتوى الجيد.
ومن المهم ملاحظة أنه لا توجد وصفة فورية للنجاح، على سبيل المثال أطلقت نيويورك تايمز الاشتراكات الرقمية فى عام 2011 ولكن النجاح الحقيقى لم يتحقق إلا منذ سنوات قليلة حيث شهدنا زيادة مضطردة فى أعداد المشتركين لدرجة جعلت الصحيفة نموذجا دوليا للنجاح فى هذا المجال. والحقيقة أن إنشاء قاعدة اشتراك رقمية قوية يحتاج إلى سنوات من الاستثمار المستمر لتحسين المحتوى وتطوير القدرات التحليلية وفهم الدوافع التى تسمح بتحويل ولاء القارىء للمؤسسة إلى اشتراك مدفوع.
2– نماذج حوائط الدفع Paywalls أصبحت أكثر ديناميكية وتطورا
بالإضافة إلى تطوير القدرات المذكورة أعلاه، فإن الدلائل تشير إلى أن النجاح يرتبط ارتباطا وثيقا بوضع المزيد من المحتوى وراء حوائط الدفع وليس إتاحة المزيد من المواد المجانية، وبعد ذلك استخدام البيانات المرتبطة بالمستهلك لتحسين مستويات الفهم. وبالتحديد فإن فهم الأمور التى تطلق عمليات التحول إلى النموذج المدفوع أصبح جزءا لا يتجزأ من تطوير نماذج حوائط الدفع.
بالإضافة إلى تطوير القدرات المذكورة أعلاه، فإن الدلائل تشير إلى أن النجاح يرتبط ارتباطا وثيقا بوضع المزيد من المحتوى وراء حوائط الدفع وليس إتاحة المزيد من المواد المجانية، وبعد ذلك استخدام البيانات المرتبطة بالمستهلك لتحسين مستويات الفهم. وبالتحديد فإن فهم الأمور التى تطلق عمليات التحول إلى النموذج المدفوع أصبح جزءا لا يتجزأ من تطوير نماذج حوائط الدفع.
على سبيل المثال، طورت صحيفة وول ستريت جورنال درجة لتقييم رغبة غير المشتركين فى التحول إلى الاشتراك بناء على أكثر من 60 إشارة تقوم بضبط حائط الدفع للمستخدم الفردى. ونرى أيضا مرونة فى كيفية استخدام حوائط الدفع استنادا إلى التغيرات المرتبطة بالأحداث، ففى أحد الأيام عندما يكون هناك حدث إخبارى كبير يمكن أن تخف القيود المفروضة على استهلاك المحتوى وذلك لجذب المستخدمين، وبعدها يتم تشديد القيود مرة أخرى.
ويقول كاسبر سيبرت رئيس تطوير الأعمال فى شركة “كليرا ون”: “فى الأيام الأولى من تقديم نماذج الاشتراكات الرقمية، كانت عملية اتخاذ القرار محددة وتميل إلى التركيز المباشر على عدد معين من المقالات المجانية وبعدها لا يسمح للقارىء بالمتابعة إلا بعد الاشتراك، ولكن اليوم نحن نرى المزيد والمزيد من الناشرين يستخدمون أساليب مركبة ونماذج ديناميكية قائمة على تعلم الآلة”.
3– الأسواق المحلية ضرورية للنجاح
يعتمد النجاح فى استراتيجية المحتوى المدفوع إلى حد كبير على الناشرين العاملين فى السوق المحلى، وبشكل عام يمكن ملاحظة ثلاثة فئات من الأسواق:
أ) أسواق اشتراك متطورة
فى هذه الأسواق يكون المحتوى المدفوع أكثر تطورا، ويظهر المستهلكين بالفعل استعدادا لدفع ثمن المحتوى. ومن بين هذه الأسواق الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والدول الاسكندنافية وكذلك فرنسا، ويقول الخبراء إن النجاح الكبير للاشتراكات الرقمية مثل نتفليكس وأمازون برايم وغيرها جعلت ثقافة الاشتراك طبيعية بين المستهلكين، وهو الأمر الذى يفتح المجال تماما لنجاح الناشرين الإعلاميين، ويرصد التقرير أن نجاح هذه الأسواق يعود بشكل عام إلى تأثيرات العرض والطلب.
يعتمد النجاح فى استراتيجية المحتوى المدفوع إلى حد كبير على الناشرين العاملين فى السوق المحلى، وبشكل عام يمكن ملاحظة ثلاثة فئات من الأسواق:
أ) أسواق اشتراك متطورة
فى هذه الأسواق يكون المحتوى المدفوع أكثر تطورا، ويظهر المستهلكين بالفعل استعدادا لدفع ثمن المحتوى. ومن بين هذه الأسواق الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والدول الاسكندنافية وكذلك فرنسا، ويقول الخبراء إن النجاح الكبير للاشتراكات الرقمية مثل نتفليكس وأمازون برايم وغيرها جعلت ثقافة الاشتراك طبيعية بين المستهلكين، وهو الأمر الذى يفتح المجال تماما لنجاح الناشرين الإعلاميين، ويرصد التقرير أن نجاح هذه الأسواق يعود بشكل عام إلى تأثيرات العرض والطلب.
ب) أسواق الاشتراك الناشئة
تندرج بعض الأسواق الأوروبية ضمن هذه الفئة مثل ألمانيا وهولندا وسويسرا وإيطاليا، وعلى الرغم من أن مفهوم الدفع مقابل الاشتراك الرقمى لم يتم ترسيخه بالكامل فى هذه الأسواق، إلا أن هناك العديد من الأمثلة المثيرة للاهتمام، وفى ألمانيا على سبيل المثال يتطور السوق بسرعة مع BILD و Welt و Zeit و Suddeutsche و FAZ و Handelsblatt وأيضًا الصحف المحلية مثل NOZ التي تظهر نمواً قوياً.
تندرج بعض الأسواق الأوروبية ضمن هذه الفئة مثل ألمانيا وهولندا وسويسرا وإيطاليا، وعلى الرغم من أن مفهوم الدفع مقابل الاشتراك الرقمى لم يتم ترسيخه بالكامل فى هذه الأسواق، إلا أن هناك العديد من الأمثلة المثيرة للاهتمام، وفى ألمانيا على سبيل المثال يتطور السوق بسرعة مع BILD و Welt و Zeit و Suddeutsche و FAZ و Handelsblatt وأيضًا الصحف المحلية مثل NOZ التي تظهر نمواً قوياً.
ج) الأسواق النامية
فى هذه الأسواق تغيب إلى حد كبير ثقافة الدفع مقابل الأخبار، ولكن هناك عدد قليل من اللاعبين ينتقل إلى هذا المجال، وهذا الأمر يشمل روسيا وبولندا وإسبانيا والأرجنتين والعديد من الدول الأخرى، بطبيعة الحال، من الصعب على الناشرين إنشاء نماذج للدفع فى بيئة ثقافية لا تعترف بهذا النوع من الإنفاق، ولكن يجب مراقبة مثل هذه النماذج أثناء تطورها.
فى هذه الأسواق تغيب إلى حد كبير ثقافة الدفع مقابل الأخبار، ولكن هناك عدد قليل من اللاعبين ينتقل إلى هذا المجال، وهذا الأمر يشمل روسيا وبولندا وإسبانيا والأرجنتين والعديد من الدول الأخرى، بطبيعة الحال، من الصعب على الناشرين إنشاء نماذج للدفع فى بيئة ثقافية لا تعترف بهذا النوع من الإنفاق، ولكن يجب مراقبة مثل هذه النماذج أثناء تطورها.
4– أهمية المجتمع فى دعم القضية
استمتعت الصحف الأمريكية مثل نيويورك تايمز وواشنطون بوست بما يسمى “ضربة ترامب” حيث تحققت طفرة فى الاشتراكات الرقمية بعد انتخاب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، حيث أدت قراراته المثيرة للجدل إلى سلسلة طويلة من أيام الأخبار الكبيرة، وساهمت حوائط الدفع الديناميكية إلى نجاح تحويل قطاعات كبيرة من القراء إلى مشتركين اعتمادا على زخم تلك الأيام الكبرى.
استمتعت الصحف الأمريكية مثل نيويورك تايمز وواشنطون بوست بما يسمى “ضربة ترامب” حيث تحققت طفرة فى الاشتراكات الرقمية بعد انتخاب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، حيث أدت قراراته المثيرة للجدل إلى سلسلة طويلة من أيام الأخبار الكبيرة، وساهمت حوائط الدفع الديناميكية إلى نجاح تحويل قطاعات كبيرة من القراء إلى مشتركين اعتمادا على زخم تلك الأيام الكبرى.
ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى وجود ما يبدو انه اتجاه عام يتمثل فى تجمع القراء وراء وسائل الإعلام الشهيرة بما تمثله من أفكار واتجاهات، ويمكن أن يعود هذا السبب إلى تأثير الأخبار الزائفة وشواغل خصوصية البيانات التى يبدو أنها تثير اهتمام القراء أكثر وأكثر بمصادر الأخبار الجيدة التى تمثل وجهة نظر القارىء بشكل ما.
لم تنشىء الجارديان البريطانية حائط دفع، ولكنها نجحت فى الاستفادة من ولاء القارىء من خلال إنشاء نظام عضوية، وتعتمد الخطة على دفع القراء للتسجيل تطوعا للحفاظ على أصول وتراث الجارديان وقدرتها على تقديم الصحافة الجيدة والمجانية فى الوقت نفسه، فى عام 2016 كانت الصحيفة تمتلك 50 ألف مشتركا يساهمون بحد أدنى 5 جنيهات استرلينية شهريا، وبحلول نهاية عام 2017 ارتفع هذا العدد إلى 300 ألف مشترك، الأمر الذى أحدث تحولا هائلا فى الإيرادات.
ويقول جيمس هيوز من مؤسسة FIPP التى أصدرت التقرير: “جودة الصحافة تعتبر أكثر أهمية من أى وقت مضى، ونحن نرى الآن العديد من القراء الذين يرغبون فى دعم الصحيفة لأداء مهمتها، وهذا الارتباط العاطفى هو أحد العوامل المهمة لإقناع الناس بالاشتراك”.
No comments:
Post a Comment